9. فَهَلْ هَذَا الْهَنَاءُ هُوَ لِلْمَخْتُونِينَ وَحْدَهُمْ؟ لَا، بَلْ لِغَيْرِ الْمَخْتُونِينَ أَيْضًا. لِأَنَّنَا ذَكَرْنَا مَا قَالَهُ الْكِتَابُ إِنَّ اللهَ اعْتَبَرَ إِيمَانَ إِبْرَاهِيمَ صَلَاحًا.
10. وَمَتَى تَمَّ ذَلِكَ؟ فِي أَيِّ حَالَةٍ كَانَ إِبْرَاهِيمُ؟ هَلْ كَانَ مَخْتُونًا أَمْ غَيْرَ مَخْتُونٍ؟ الْجَوَابُ هُوَ أَنَّهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَانَ غَيْرَ مَخْتُونٍ.
11. وَقَدْ خُتِنَ بَعْدَ ذَلِكَ، كَعَلَامَةٍ وَبُرْهَانٍ أَنَّ اللهَ اعْتَبَرَ إِيمَانَهُ صَلَاحًا وَهُوَ غَيْرُ مَخْتُونٍ. إِذَنْ، إِبْرَاهِيمُ هُوَ أَبُو كُلِّ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ غَيْرِ الْمَخْتُونِينَ، الَّذِينَ يَعْتَبِرُهُمُ اللهُ صَالِحِينَ.
12. وَأَيْضًا أَبُو الْمَخْتُونِينَ الَّذِينَ لَا يَتَّكِلُونَ عَلَى الْخِتَانِ، بَلْ يَسِيرُونَ فِي خُطَى الْإِيمَانِ الَّذِي سَارَ فِيهِ أَبُونَا إِبْرَاهِيمُ حَتَّى مِنْ قَبْلِ أَنْ يُخْتَنَ.
13. وَلَمَّا وَعَدَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ وَنَسْلَهُ بِأَنْ يُعْطِيَهُمُ الْعَالَمَ نَصِيبًا، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى أَسَاسِ الْعَمَلِ بِالشَّرِيعَةِ، بَلْ عَلَى أَسَاسِ الصَّلَاحِ الَّذِي يَأْتِي عَنِ الْإِيمَانِ.
14. فَلَوْ كَانَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِفَرَائِضِ الشَّرِيعَةِ هُمُ الَّذِينَ يَنَالُونَ هَذَا النَّصِيبَ، إِذَنْ يَكُونُ الْإِيمَانُ عَدِيمَ الْأَهَمِّيَّةِ وَالْوَعْدُ بِلَا قِيمَةٍ.
15. لِأَنَّ الشَّرِيعَةَ تَجْلِبُ غَضَبَ اللهِ عَلَى مَنْ يُخَالِفُهَا. وَحَيْثُ لَا تُوجَدُ شَرِيعَةٌ، لَا تُوجَدُ مُخَالَفَةٌ.
16. فَالْوَعْدُ إِذَنْ يَأْتِي بِالْإِيمَانِ لِكَيْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ هَدِيَّةٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَيَكُونَ مَضْمُونًا لِجَمِيعِ نَسْلِ إِبْرَاهِيمَ، لَيْسَ فَقَطِ الَّذِينَ يَعِيشُونَ حَسَبَ الشَّرِيعَةِ، بَلْ أَيْضًا الَّذِينَ يَعِيشُونَ بِالْإِيمَانِ مِثْلَ إِبْرَاهِيمَ. فَإِنَّهُ هُوَ أَبُونَا كُلِّنَا،
17. كَمَا يَقُولُ الْكِتَابُ: ”إِنِّي جَعَلْتُكَ أَبًا لِشُعُوبٍ كَثِيرَةٍ.“ فَهُوَ أَبُونَا فِي نَظَرِ اللهِ الَّذِي آمَنَ بِهِ، وَالَّذِي يُحْيِي الْمَوْتَى، وَالَّذِي بِأَمْرِهِ يَجْعَلُ مَا هُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ يَأْتِي إِلَى الْوُجُودِ.
18. فَمَعَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَمَلٌ، إِلَّا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ عِنْدَهُ أَمَلٌ وَآمَنَ. وَبِذَلِكَ أَصْبَحَ أَبًا لِشُعُوبٍ كَثِيرَةٍ كَمَا قَالَ لَهُ اللهُ: ”يَكُونُ نَسْلُكَ كَثِيرًا جِدًّا.“
19. وَلَمْ يَضْعُفْ إِيمَانُهُ، فَمَعَ أَنَّ عُمْرَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَانَ حَوَالَيْ 100 سَنَةٍ، وَكَانَ يَعْرِفُ أَنَّ جِسْمَهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى الْإِنْجَابِ، وَأَنَّ سَارَةَ أَيْضًا لَا تَقْدِرُ أَنْ تُنْجِبَ أَطْفَالًا،
20. لَمْ يَضْعُفْ إِيمَانُهُ أَبَدًا، وَلَمْ يَشُكَّ فِي وَعْدِ اللهِ، بَلْ تَقَوَّى فِي إِيمَانِهِ، وَأَعْطَى الْمَجْدَ للهِ.
21. لَقَدْ كَانَ مُتَأَكِّدًا جِدًّا أَنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يَفِيَ بِوَعْدِهِ.
22. هَذَا هُوَ الْإِيمَانُ الَّذِي اعْتَبَرَهُ اللهُ لَهُ صَلَاحًا.